مقالات مختارة

سياسية, اقتصادية, اجتماعية

حين غاب وعي ابن الأغبر

قيم هذه المقالة
(1 Vote)
Print Friendly, PDF & Email

رأى حطامة ابن الاغبر ان قوماً تشاجروا بالعصي والحجارة، فلما "شكف بينهم"، سمع ما كانوا يتشاجرون من أجله، فقد كان إن تشاجروا على الأحقية بالخلافة، وقد مضى على ذلك اربعمئةٍ والفٍ من السنين، حتى لم تعد هناك دولة يتقاتلون على خلافتها، فلما رأى منهم ذلك أنشد قائلا:

تشاجر القوم على الخلافة ..
وعينهم تقدحُ في صلافة ..
اما تظنوا ان ذاك انقضى ؟
أم إنها نوعٌ من السخافة ؟

فرماه احدهم بحجرٍ فشج رأسه، فنُقل ابن الاغبر لمدينة الطب، ولما كشفوا عليه، كان قد دخل في غيبوبة، فبقيت المكرودة بنت المظلوم مرافقةً له، حتى انقضى دهر عديلة، ودهر من تلاها ومن تلاه، وكان ابن الاغبر لا يزالُ في غيبوبته، وقيل، ان غيبوبة ابن الاغبر طالت حتى أربعين من السنين، وقيل، اربعون وخمس، فلما أفاق، كانت المكرودة قد بلغت من العمر عتيا، فقالت له:

حطامةٌ فقم لنا فإنا ..
"انولينه" و الشعبُ بهِ شقاقُ ..
تشاجروا اليومَ الستَ تدري؟
بأننا يقتلنا العراقُ؟

فقال لها ابن الاغبر: كم لبثنا؟
قالت: "يومٌ او بعض يوم، فأيام العراق كلها متشابهة".
فلم يفهم ابن الاغبر ماقالت، وظن انه قد لبث يوماً او بعض يوم، فقام الى الشارع ليشتري كيس تتن مزبن، ولما أعطى نقوده هزأ به البائع، فقال له:

عهدُ الدمقراطيّة قد كان انتهى ..
و اليومُ عهدٌ قادمٌ وجديدُ ..
من أين جاء المال هذا قل لنا ..
سبكُ الدنانيرُ الجديدُ حديدُ ..!

فحك ابن الاغبر رأسه، ولما نظر الى شاشة نقاله، وجد انه في العام 2050، ولا زال نقالهُ بي 9% شحن، فتذكر آخر ماكان له، من شجٍ لراسه بسبب معركة طائفية، فحمد الله واثنى عليه، فقد ولى زمن المعارك الطائفية بعد كل هذا الزمن، الا انه كان قد عيط على مقربة، ولم يجد من ذلك مهربه، فتشاجر الرجال، وتعالى العراكُ والسجال، ولما اقترب منهم، وجدهم لا يزالون يتعاركون على الاحقية بالخلافة، فهز يده وقال ما قالهُ قبل اربعين عاماً وخمس:

تشاجرَ القوم على الخلافة ..
وعينهم تقدحُ في صلافة ..
اما تظنوا ان ذاك انقضى ؟
ام انها نوعٌ من السخافة ؟

فرماه أحدهم بحجرٍ فشج رأسه، وكان ابن الاغبر لازال صاحياً، فقال له:

أغبني عن الوعي الذي القى به ..
هذي الشكولُ وخذ برميكَ عقلي ..
وإذا حجارتك التي ترمي بها ..
ضاعت فخذ هذا وإرم بنعلي ..

فرُمي ابن الاغبر بنعله، وغاب عن الدنيا خمسين عاماً اخرى.
وكان إن رأته المكرودة يُدخل الى الردهة مصاباً برأسه، فقالت :

كون امشي للتاريخ، وبإيدي دَبَّه ..
وانعل ابو السواه .. يابو اليكتبه ..

 

 

لبديع الزمان
#رسلي_المالكي

___________________________________________

 
 
 

معلومات إضافية

القراءات 41 مرة

اترك تعليقا

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.

Image

للتحدث معنـا

عـدد الـزيارات

مجموع الزيارات للمــوقع 67308

حاليا يوجد 4 guests ضيوف على الموقع

Kubik-Rubik Joomla! Extensions