مقالات مختارة

سياسية, اقتصادية, اجتماعية

المقامة الصخرية

قيم هذه المقالة
(1 Vote)
Print Friendly, PDF & Email

وجاء في الأثر..:

حدّثَنا عوانةَ ابن الأشعث فقال:

كنتُ قد خرجتُ في تجارةٍ وارتزاق، بين مدائنِ أهل العراق، حتى حطّت راحلتي في بلدةٍ يقالُ لها جرف الصخر، وقد بُنيت على جرف النهر، وعندما كلكل الليل، وتنهد الهواء العليل، اصطليتُ لي من البردِ نارا، وقد احمرت ضوءً وشرارا، وإذا برجلينِ يركضانِ بين البساتين، كركض الناسِ للحسابِ يوم الدين، وكانا عاريينِ إلا بما كسى السوءة، وغطى المروءة، فاستجارا بي أن يصطليانِ من ناري، ويلوذا بموقعي وقراري، وحين استظهرَ النورُ وجهيهما إذا بهما (نوري المالكي)، و(محمد السوداني)، وقد جرى من رأسيهما الدم، وتشققت من ركضهما القدم، ومغصت في بطنيهما الأحشاء، وارتعدت في نفسيهما الرجفاء.

فسألتهما عما حلّ بهما، وما جعلَ على ذا أمريهما، فقالا بأنهما كانا جالسين في المنطقة الخضراء، بين قصور الملوك والخلفاء، إذ ولج عليهما رجلٌ ببغلته، وقد تحزّم بطخماخٍ بمنطقته، يقولان: فقال لنا أنه لضاربنا، وآكلنا وشاربنا، فمن أراد منا أن ينجو من الضرب، ويفرّ من الحرب، فليصف صاحبه بأقذع الأوصاف، وأسوأ الألقاب، فمن كان وصفه لصاحبهِ الأسوأ عفوتُ عنه ضرب الطخماخ، وسحقَ الأمخاخ.

يقول ابن الاشعث: فقلت: وكيف وصفتما بعضيكما أمامه؟
فقال المالكي: وصفت محمد شياع أمامهُ بأن قلت:

"يا لحد اللحود، يا أسنان القرود، يا صعدة الدولار، يا لالةً في الحصار، يا سقطة الدينار، يا جفاف الأنهار، يا مرارة الجرجير، يا عناد البعير، يا ذيلاً بلا راس، يا مفقرِ غنى الناس، يا سبتاً بلا جمعة، يا روحةً بلا رجعة، يا صم الحجر، يا مرقة الشجر، يا آفةً الصوف، يا لية الخروف، يا سخام التنانير، يا ضياع الدنانير، يا جنازةً قد انقلبت، يا وصيةً وما انكتبت، يا سرىً على معاملة، يا فساداً في مقاولة، يا طفية الكهرباء، يا انقطاع الماء، يا لوثة الهواء، يا حرارة البيداء، يا بردة العجوز، يا جمرةً بتموز، يا هرشةً في مجذوم، يا لجمةً في مكلوم، يا رغاء الغربان والبوم، يا فضيحةً بين العرب والروم، يا سقطة العقال، يا طولةَ الجدال، يا كلام الخرسان، يا تخبط العميان، يا بيضاً بلا صفار، يا كسفةً الشمسِ في النهار، يا فاتحة بلا دفتر، يا سجناً بلا محضر، يا غزواً بلا قتال، يا مركباً بلا حبال، يا أكلاً بلا خواشيك، يا هاشتاكاً بين الزبابيك، والله لو ملكت أيفاع الأرض و وهادها ما كنتَ إلا عتاكاً".

يقول عوانة، ثم سألتُ محمد شياع كيف وصف المالكي، فقال:

"قلت: يا ضيقة القبر، يا أفرغ من الصفر، يا طسةً في طريق، يا دخان الحريق، يا يمين الطلاق، يا سقوط الذراق، يا فتقاً في الطحال، يا انقلاب النعال، يا روث النعام، يا مصيبة الأنام، يا لغةً بلا ألف، يا دائرةً بلا عِرف، يا عجوزاً تثرثر، يا سفيهاً يكركر، يا غزو المغول، يا غباء المسؤول، يا بكاء البخيل، إذا أعطى القليل، يا سوءةً بلا غطاء، يا وقحةً بلا حياء، يا جنازة الخميني، يا شللاً في اليدينِ، يا تخمةً بلا طعام، يا ميتةً بلا إسلام، يا حظر التجوال، يا مأدبة الأنذال، يا ولية الغمان، يا عُقدة اللسان، يا قرية العميان، يا شتيمة الخرسان، يا منهولاً بلا غطاء، يا احتلالاً بلا جَلاء، يا فضيحةً بالفيس، يا موقوذةً من تَيس، يا حَماةَ الزوج، يا (جولةَ) آمر الفوج، يا عيداً قد تأجل، يا صوماً قد تعجّل، يا ليلة المحاق، يا محنة العراق، يا شر الفراق، يا مذيعة قناة آفاق، يا دمية وجيه عباس، يا تغريدة الذيل ريناس، والله لو صرتَ رئيس الصين والخزر ما كنتَ إلا بائع سبح".

يقول عوانة، فقلتُ لهما، فما حدث بعدها؟
قالا: انهال على كلينا بالطخماخ، وأسمعَ بعضنا من الآخر الــ آخ..

يقول: فقلتُ لهما ابقيا هنا حتى ترياني آيباً، فذهبتُ أبحثُ عنه في قصور الخضراء، حتى لقيتهُ عند البوابة الشماء، وحين اقتربتُ منه، وإذا به شيخي حطامةابن الأغبر البغدادي، ولما أخبرتهُ بأمر الرجلين، ضحك وقال:

عش في الزمانِ بضربةٍ..
بالكفِّ أو بالأرجُلِ..
كل المصائبِ أصلُها ..
من خشمِ ذاك الأحولِ..

ثم لزَّ بغلتهُ ومضى.

 

لبديع الزمان
#رسلي_المالكي

___________________________________________

 
 
 

معلومات إضافية

القراءات 127 مرة

1 تعليق

  • Comment Link Hamad الأحد, 19 شباط/فبراير 2023 12:44 posted by Hamad

    اتمنى منك استاذ رسلي ان تنشره على شكل كتاب..

    Report

اترك تعليقا

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.

Image

للتحدث معنـا

عـدد الـزيارات

مجموع الزيارات للمــوقع 67304

حاليا يوجد 3 guests ضيوف على الموقع

Kubik-Rubik Joomla! Extensions