مقالات مختارة

سياسية, اقتصادية, اجتماعية

في بحث حطامة عن منزل نوري المالكي

قيم هذه المقالة
(5 تقييمات)
Print Friendly, PDF & Email

وجاء في الأثر..:

حدّثَنا عوانةَ ابن الأشعث فقال:

كنتُ أسيرُ في بغدان، في عصرِ الذيول والغمّان، أجولُ بين كرخيها، وأتسكعُ بين رصافتيها، وقد بلغ دجلةَ من الماءِ أدقّه، ومن الطمى أرقّه، ولم يبن من النهرِ إلا شطّه، وقد علت صافراتُ الجيش والشرطة، فبينما أنا كذلك إذ رأيتُ رجلاً طويل الثياب، وقد ركبَ على بغلةٍ من الدواب، فلم أرَ منهُ إلا ظهره، فقد أخفى سوادُ الليلِ أمرَه، وقد وقفَ على جسر الجمهوريةِ العامر، وصدّ المارةَ عن السير على المعابر، إذ سمعتُهُ يصيحُ بالناس:

أما دللتموني على فضيحِ السر، وقبيحِ الأمر، ونويهب المال، ومُعرّي العيال، مقحّط الزاد، ومُهلك العباد، ذو الذكر الرديء، والصوت القميء، فلي به من الملاقي أردأها، ومن الأحداثِ أسوأها، لا مدحَ لي فيهِ ولا ثناء، ولا فخر في وصفهِ ولا رثاء، من لي بأشرِ الرجالِ والنساء، مما أطلعه الصباح وأغشاهُ المساء؟

يقول: فقلتُ والله أنه يريدُ نوري المالكي، فعدوتُ نحوه عدو اللاحقين، وجرجرتُ نفسي لذيلهِ جرجرةَ المريدين، فلما اتضحتُ أمره، وكشفتُ سرّه، وإذا به والله شيخُنا #حطامةابنالأغبر، فأمسكتُ ريطَ بغلته، وبلغتُ نحرَ دابته، وقلتُ له:

قد قرُبَ الأغبرُ من مُرادِه..
وقد أنارَ الليلَ في سوادِه..
واللهِ قد قصدتَ قصدَ نوري..
تلقاهُ في الخضراءِ معْ قُوّادِه..

فدللتُهُ على مستقرِه، وأبلغتهُ من مقرّه، فلم يزل ابن الأغبر يعدو ببغلته حته دفع باب نوري بخطمِها، وجرّ له بغلتهُ من لُجمها، فرأى نوري بلامة الحرب، ببدلته التي تكرب القلب، فلما رأى حطامةَ وقد أقبل عليه اعتدلَ في مجلسه، ونسي كتلتهُ ومرأسه، فتجلجل بلعُ ريقه، وبانَ اكفهرارهُ وضيقه، فقال له ابن الأغبر:

هجرتُ الدار للسفَرِ..
ودرتُ الأرضَ كالقَمَرِ..
وصادفتُ الولاةَ على..
زمانٍ بالغِ الغِيَرِ..
فبتُّ لدى الأعاجمِ والتتار...
وبربرٍ حُمُرِ..
فما صادفتُ في صينٍ..
ولا مصرٍ ولا قَطَرِ..
خبيثاً مثل نوري..
لا كهولاكو ولا الشمِرِ..
فقل لي ما فعالي فيكَ..
فاختر، ميتةَ العمُرِ..

فتنحنح نوري تنحنحَ الرجيف، وأدار سبابتهُ بأنفهِ كالقطب الخفيف، ثم قال: والله يا حطامة، لم يبق لي حكمٌ ولا مريَسة، فاقترب منه ابن الأغبر تقرُب النفْسِ من عزرائيل، والصُورِ من ميكائيل، وأبلغ بغلته فرفستهُ على صدرهِ رفسة الحاقد، وقد جعلت قلبه لحافرها بالزائد، حتى رأيتُ نوري يقومُ ويكبو، فقال له حطامة وهو ينشغ، ويحاولُ الشهيقَ ولا يبلغ:

أردتَ الدفرَ فاندفرِ..
بفورٍ غيرِ مُنتَظَرِ..
فيبلغُ منه للحُكامِ..
درسٌ بالغُ العِبرِ..
ألا يا نوري لم أُكفى..
ولن أكفيكَ من قَدَري..

ثم استدارَ ببغلته تاركاً منزلَه، وذارّا إياهُ يُصارعُ أجله، فرأيتُهُ ينشغُ نشغَ الحبيس، حتى نقلوهُ لابن النفيس.

 

لبديع الزمان
#رسلي_المالكي

___________________________________________

 
 
 

معلومات إضافية

القراءات 181 مرة

2 تعليقات

  • Comment Link العميد المهندس مثنى الأحد, 19 شباط/فبراير 2023 13:01 posted by العميد المهندس مثنى

    احسنت لله درك من كاتب جمعت درر الاولين وتبعتهم الاخرين فلان لك الحرف وطوعت المعاني فما سبقك لا ابو نواس ولا الاصفهاني

    Report
  • Comment Link بكر جبار العبيدي الثلاثاء, 18 تشرين1/أكتوير 2022 07:57 posted by بكر جبار العبيدي

    عاشت ايدك على تثبيت نشر سلسلة حطامة ابن الاغبر

    Report

اترك تعليقا

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة ، المشار إليها بعلامة النجمة (*). كود HTML غير مسموح به.

Image

للتحدث معنـا

عـدد الـزيارات

مجموع الزيارات للمــوقع 67304

حاليا يوجد 3 guests ضيوف على الموقع

Kubik-Rubik Joomla! Extensions